عجائب وغرائب التحولات في السياسة العراقية هي مثال صارخ لحالة النفاق الشامل التي تحيط بذلك البلد في الماضي والحاضر والمستقبل? وطبيعة اصطفاف القوى المتغيرة قد باتت تفرز وضعا عجيبا وغريبا لا يمكن وصفه بدقة سوى بكلمة واحدة تلخص كل الوضع السياسي العراقي وهي "النفاق" الذي تحول من تكتيك عابر لستراتيجية سياسية ذات مفعول هائل في تحقيق المعجزات, وفي تحويل الأعداء و الخصوم أولياء وحبايب, ولعل قمة المشهد الساخر في الكوميديا العراقية السوداء باتت تتمثل اليوم في المرافعة المجانية و الدفاع المثير للسخرية الذي تطوع به البعثي المجتث حتى وقت قريب والذي كان طريد السلطة العراقية ثم تحول من خلال عباءة قائمة "العراقية" الرفيق المناضل صالح المطلك الذي يحتل اليوم منصب نائب رئيس الوزراء!
وحيث يحلم حلم إبليس في الجنة بأن يدير ملفات أمنية حساسة لن يقدمها له أبدا رئيسه نوري المالكي, أقول تطوع بالدفاع المجاني عن الرفيق مقتدى بعد عودته الكهربائية و المقررة سلفا من غيبته الصغرى القمية التي استمرت أربعة أعوام كانت حافلة بالمتغيرات في الساحة العراقية, ودفاع الرفيق المطلك عن مقتدى الصدر لا يمكن تبريره بمسألة الحرص على الوحدة الوطنية المزعومة, فتلك الوحدة لا يحققها المجرمون والمشبوهون, والذين يسبغون على أنفسهم القدسية والعصمة تهربا من استحقاقات قانونية وجزائية, خصوصا أن النص الإسلامي واضح وصريح في هذه النقطة ولا يراعي أي حصانة لأي متورط في جريمة أو شبهة جنائية حيث يقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم "والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها, ومع ذلك فإن المطلك قد أصدر فتواه البعثية مبرئا مقتدى الصدر من كل جريمة أو شبهة جنائية قائلا بأن الأحكام غير صحيحة! , وأنها قامت على أسس شخصية محضة ! رغم أنه لم تعقد أي محكمة, ولم يتم أي تحقيق قانوني ورسمي مع الصدر بشأن جريمة قتل الشهيد عبد المجيد الخوئي وبعض من مرافقيه في الحضرة العلوية في التاسع من ابريل 2003 وهي الجريمة الدموية المروعة التي دخل مقتدى الصدر من بوابتها حلبة التاريخ السياسي المعاصر في العراق, هذا غير الجرائم الفظيعة والبشعة والطائفية النتنة التي تسبب بها أتباع مقتدى في جيشه الفوضوي المهووس ضد الشيعة والسنة والإنسانية عموما ? وقد دخل في باحة الردح والنفاق المجاني لمقتدى أيضا الوكيل الأقدم أو المضمد الأقدم لوزارة الداخلية اللواء أركان حرب عدنان الأسدي ليساهم أيضا في الزفة والدفاع عن مقتدى بهدف محوري هو الحصول على حقيبة وزارة الداخلية واسترضاء التيار الصدري من أجل ذلك لأن مقتدى قد حوله الوضع السياسي العراقي التعبان لصانع للملوك في واحدة من أكثر الحلقات تفاهة في تاريخ العراق المعاصر! فقد أكد المضمد الأقدم على إصدار فتوى مماثلة لفتوى الرفيق صالح المطلك في كون عودة مقتدى ستساهم في استتباب الأمن في العراق! فيا لبؤس ذلك الأمن الذي يحققه مشتبه به بجريمة قتل بشعة وبشخص خارج عن القوانين والنواميس يتصنع قدسية وعصمة مزيفة في تكريس للدجل وللزعامات الاستبدادية الرثة و الفارغة من الداخل والتي خيوط شخصياتها أوهى من بيت العنكبوت... ولعل وجه الغرابة في الموضوع هو اتفاق أهل البعث البائد أو بقاياه أو واجهاته التدليسية ممثلة بالمطلك ورفاقه وأهل حزب "الدعوة" الفاشي على تبرئة مقتدى والتودد له ومحاولة كسب وده وكفيان شره.. وهي مهمة ذليلة لا تليق برجال دولة أو بعناصر تهدف الى بناء دولة قوية ومحترمة وسلطة مهابة الجانب.